الدخول بالـ إكزت موود

تستخدم عبارة الدخول في وضع الخروج (Exit Mode) أو مزاج الخروج (Exit Mood) في سياق الموظف الذي ينهي خدماته من عمله في شركة أو مؤسسة، حيث يصبح ذلك الشخص في آخر فترته في عمله غير مبال بما يحدث في المؤسسة أو غير نشيط في إتمام أعماله مثل ما كان قبل أن يقرر الاستقالة أو الخروج من ذلك العمل. وقد يشذ بعض الموظفين عن تلك القاعدة وتراهم يستلحمون حتى الرمق الأخير بعمل كل ما يستطيعون لإنجاح مهماتهم وإرضاء زبائنهم ومدرائهم، إلا أن الملاحظة العامة أن مزاج الخروج سيء ووضع الخروج بحاجة لكثير من الانتباه لتجنب سلبياته على بيئة العمل وحماسة الموظفين ونجاح الأداء الجمعي في المؤسسة.

سأتناول ال إكزت موود في سياق آخر له علاقة بإدارة المشاريع …

تنص منهجية إدارة المشاريع على أهمية مجموعة عمليات (إغلاق المشروع)، فهي مرحلة من مراحل دورة حياة إدارة المشروع توصف بأنها (المرحلة الصغيرة ذات الأثر الكبير)، وبالرغم من ذلك فإنها كثيرا ما يتم تجاهل تفاصيلها من محترفي إدارة المشاريع بل ومن الشركات المنفذة للمشاريع، بقصد أو بغير قصد، وحيث أن لكل مشروع نهاية، فمن الطبيعي أن يكون لكل مشروع مرحلة إغلاق نهائية، وربما أتناول عمليات مرحلة الإغلاق وأنشطتها ومكوناتها في مقال آخر، ولكن السؤال هنا، هل من الممكن أن يصيب مدير المشروع داء ال إكزت موود، بمعناه السيء سالف الذكر، وبالتالي يؤدي لإهمال إغلاق المشروع بشكل صحيح؟ والجواب نعم مع الأسف، بل قد يصيب ذلك كل فريق عمل المشروع والشركة المنفذة للمشروع أيضا وفيما يلي بعض أسبابه وبعض نتائجه …

أهم الأسباب

    • على خلاف ما قد يتبادر للذهن، فمرحلة الإغلاق لا تحتوي على التأكد أن مخرجات المشروع قد اكتملت بشكل صحيح، وتم قبولها من أصحاب العلاقة المعنيين بذلك، وإنما تبدأ بعد أن يتم ذلك، ولأن أهم ما في المشروع بالنسبة لمدير المشروع وفريق العمل هو مخرجاته وقبولها، فبمجرد أن يتم ذلك يدخلون في الإكزت موود، ويقل اكتراثهم لما تبقى من عمليات مهمة في إدارة المشروع
    • ينظر بعض مدراء المشاريع لمرحلة الإغلاق كحمل إضافي يعمل فقط لتحقيق متطلبات المؤسسة المنفذة للمشروع ليس أكثر، مثل أرشفة الملفات، أو توثيق الدروس المستفادة من المشروع، أو مراجعة وتقييم مدى نجاح المشروع، وفي الغالب لا توجد حوافز كافية في المؤسسات لمدير المشروع تشجعه وفريق عمله لإنجاز هذه المهمات وغيرها في هذه المرحلة
    • قد تؤدي أعمال إغلاق المشروع لخسارة مادية لدى بعض الشركات، خصوصا إذا لم يتم احتساب تكاليف إغلاق المشروع بطريقة صحيحة قبل البداية فيه، ويصبح مدير المشروع وفريق عمله تحت الضغط المالي للإنهاء بأي طريقة، وفي الغالب يؤدي ذلك لنقصان الجودة أكثر من الدخول في مزاج الخروج، ولكن إذا تأكد مدير المشروع وفريق عمله أنهم مهما فعلوا فمشروعهم لن ينجح ماليا، فقد يصيبهم مزاج الخروج بحيث لا يعودوا يكترثون لنجاح أعمالهم أو فشلها
    •  في كثير من الشركات يتم تحوّل مدير المشروع إلى مشروع جديد في هذه المرحلة، مما يساهم في اهتمامه بالمشروع الجديد أكثر من إغلاق القديم إغلاقا صحيحا، بل ويدخل فيه بالـ إكزت مووود

blog-checklist

أهم النتائج

  • عدم تحقق منافع المشروع: كما أن للمشروع مخرجات يسعى لتحقيقها، فإن له منافع تمثل أهدافه الحقيقية، فمثلا مشروع تطوير بوابة الكترونية مخرجه الرئيسي هو البوابة الالكترونية نفسها، ولكن منفعة المشروع تكمن في النتيجة التي ستخدم بها البوابة الالكترونية المؤسسة الراعية للمشروع، وقد يكون ذلك في هذا المثال هو إظهار ونشر اسم المؤسسة والتعريف بها وبخدماتها ومنح الفرصة للناس للوصول لخدماتها الالكترونية، فلو تمت المخرجات دون أن تتم المنافع فهذا سبب للحكم على المشروع بالفشل أو انعدام الجدوى، وغالبا ما يساهم الدخول بالـ اكزت موود بالتركيز على المخرجات دون المنافع، ففي نفس المثال إذا لم يقم فريق عمل المشروع بنقل المعرفة للفريق الذي سيشغل البوابة الالكترونية فلن يستطيعوا خدمة عملائهم بشكل مناسب، وفي مثال آخر فإن إنهاء البناء لبيت أو شقة لن يحقق أي منفعة إذا لم يستطع صاحبها الاستفادة منها، وهكذا. ولذلك فإن المخرج الأول لعملية إغلاق المشروع أو المرحلة حسب ال PMBOK هو (انتقال المنتج النهائي أو الخدمة أو النتيجة النهائية).
  • خسارة العملاء والشركاء وفريق العمل: الجميع يريد أن يربح عند إطلاق مشروع معين، المؤسسة التي ترعى المشروع، والمقاول المنفذ للمشروع، وشركاء التنفيذ من موردين ومقاولين بالباطن وغيرهم، وحلقة الوصل الرئيسية بين الجميع هم فريق عمل المشروع الممثل بإدارته ومديره على وجه التحديد، والدخول بال (إكزت موود) سيجعلك تفكر بنفسك فقط، كيف تنهي ما أنت فيه وتخرج منه، وغالبا ما تبدأ بإغفال فريق العمل، والذي سيستشعر ذلك فورا، وإذا أصابته العدوى، فإن ذلك سيظهر على علاقاتهم بالعملاء والشركاء، ولن يعود أحد يفكر بعلاقة الربح-ربح (win-win) وإنما تريد ان تنهي بغض النظر عن البقية.
  • غياب القاعدة المعرفية في المؤسسة: من أهم العمليات التي نقوم بها خلال إغلاق المشروع عملية (رصد المعرفة) من خلال توثيق الدروس المستفادة وأرشفة وثائق المشروع لتسهيل استخدامها لاحقا، وتدقيق نجاح أو فشل المشروع، وإذا كنت مديرا للمشاريع في مؤسسة من المؤسسات، فبإمكانك اختبار مدى نضج القاعدة لمعرفية التي توفرها لك المؤسسة عند البدء بمشروع معين، ولا اتحدث هنا عن القوالب والنماذج والخطط فقط وإن كانت جزءا من إدارة القاعدة المعرفية، وإنما أعني الخبرة المتراكمة في إدارة المشاريع التي تتيح لك الاطلاع على النجاحات والإخفاقات وأسبابها خصوصا إذا كان العمل متكررا مع نفس الجهة أو في نفس البيئة أو مع نفس فريق العمل، وهذه البيانات والمعلومات التي تشكل مثل هذه المعرفة سيتم إغفالها أو تجاهل معظمها لو دخل فريق المشروع بالـ إكزت موود وتصبح حجم مساهمتهم ضئيلا إلى أبعد حد.

إنما الأعمال بالخواتيم

يتنافى الدخول في وضع أو مزاج الخروج مع المحافظة على جودة العمل وإتقانه، بغض النظر عن الوظيفة والمهنة، وإدارة المشاريع ليست استثناء في هذا بل ربما كان الأثر أعم على جميع الفريق في حال حدوثه، وينبغي للشركات والمؤسسات أن تحرص على تجنب الأسباب التي قد تؤدي إلى ذلك قبل حدوثها، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه (إنما الأعمال بالخواتيم) هي قاعدة جليلة في جميع نواحي الحياة، وأرى فيها دعوةً تحث مدير المشروع ليس على عدم الدخول في وضع الخروج أو مزاجه، بل بالحرص على أن يكون أفضل أوقات مشروعه هي آخره ومنتهاه.

Leave a comment