خياطة منهجيات المشاريع

ما الذي يخطر في بالك عند ما تهم بشراء ملابسك الرسمية التي ترتديها في عملك؟

هل تبحث عن شيء مختلف ملفت يصعب أن تجد مثله بسهولة؟ أم تفضل النمط الكلاسيكي الجاد الواضح المتوقع؟

 أم هل يكون لديك مجموعة من المعايير، مثل اللون والمقاس ونوع القماش ونمط التفصيل وما شابه؟

وهل تفضل الشراء بسرعة من أول معرض تجد فيه الشيء المناسب، أم تفضل أن تزور عدة معارض لترى أكثر من موديل وشكل وذوق؟images

قبل فترة كنت بحاجة لشراء بدلة جديدة مناسبة للعمل اليومي، فذهبت أبحث عن شيء مناسب في أكثر من معرض في الرياض، أسلوبي في البحث عن بدلة مناسبة كان مرتكزا على طلب محدد، أريدها سوداء مناسبة لمقاسي دون الحاجة لإصلاح الخياط، بالنسبة للون فهو أمر هين، أما الأمر الثاني ولأنني لست رياضيا بما يكفي، فقد كان طلبي هذا شبه مستحيل. زرت معارض لبدلات صينية، وإيطالية، وفرنسية، وتركية، لا بد من الخياطة، إما للبنطال، أو للجاكيت، أو للأكمام .. الخ. أعلم أن المصممين قد وضعوا أنماطا متعددة تناسب الكثير من الناس الطويل والقصير والممتلئ والنحيف، إلا أنه من النادر أن تذهب وتجد ما تريده دون لمسة الخياط، في المحصلة ما تريده هو نمطك أنت، بدلة تناسبك تماما، وتريحك بدلا من أن تضيق عليك.

تطبيق منهجية لإدارة المشاريع في مؤسستك، يشبه كثيرا تجربة شراء البدلة، حيث أنه من المفروض أن تتم دراسة واقع المؤسسة وطريقة عملها ومستوى نضج ممارسات العاملين فيها وزبائنها ومحيطها، ومن ثم يتم تصميم منهجية خاصة مبينية على الإطار المعرفي لإدارة المشاريع ولكنها تناسب (مقاس)  المؤسسة، وقد تزيد وقد تنقص وقد تغيرمن العمليات، تماما كما يفعل الخياط في بدلتك لتصبح من مقاسك.

حتى أن معهد إدارة المشاريع (PMI) في دليله المعرفي (PMBOK) ينص على أن ذلك يجب أن يتم لكل مشروع في نفس المؤسسة، ويسمي ذلك الجهد المبذول لتعديل منهجية معينة لتتطابق مع طبيعة مشروع معين باللغة الإنجليزية (Tailoring) ، أو تكييف الأساليب حسب الحاجة، وقد ورد هذا المفهوم في الكتاب المعرفي في مكانين، في بداية شرح عمليات إدارة المشاريع، وذلك حتى لا يظن كل مدير مشروع أن عليه أن يستخدم كافة العمليات المذكورة بكافة المدخلات والمخرجات والأدوات والأساليب (47 عملية في الإصدار الخامس، و49 عملية في الإصدار السادس)، أما المكان الثاني فهو في عمليات إغلاق المشروع، حيث يجب على مدير المشروع أن يذكر أثر التكييف الذي تم لعمليات منهجية إدارة المشاريع على نجاح المشروع إيجابا أو سلبا، وذلك لفائدة المشاريع المستقبلية في المؤسسة.

من الأمثلة الناجحة التي رأيتها في أحد الشركات هو دمج جميع عمليات التخطيط في عملية واحدة تنتج وثيقة تسمى الخطة التنفيذية للمشروع، وفي كل مشروع يتم التركيز على أجزاء الخطة التنفيذية المناسبة لذلك المشروع سواء كان جزء الإدارة الزمنية، أو المالية، أو المشتريات، أو غيرها. مثال آخر ناجح رأيته في شركات مشاريع الخدمات يكمن في إضافة مدخل لعملية تطوير ميثاق المشروع وهو ملف تكاليف المشروع (Costing Sheet)، والأداة المستخدمة لذلك هي اجتماع يتم فيه نقل المعرفة من قسم المبيعات أو تطوير الأعمال (أو من قام بتقدير تكاليف المشروع) إلى مدير المشروع وفريقه، والذين بدورهم عليهم أن يقوموا بالتأكد من صحة الافتراضات والتفاصيل التي على أساسها تم تقدير سعر المشروع.

بقي أن نقول أن البعض إذا يئس من وجود بدلة تناسبه في الأسواق، فإنه يقوم بتفصيلها تماما، وهذا ينطبق أيضا على منهجية إدارة المشاريع، حيث أن العمليات المذكورة في الدليل المعرفي لإدارة المشاريع تقدم إطارا عاما (Framework) وليس منهجية، ويقع عليك اختيار منهجية مناسبة قد تكون متوفرة في الأسواق ويمكن لك ببعض التكييف أن تستفيد منها، أو أنك تضطر لتصميم منهجية مؤسستك بالكامل في عملية بناء تتسم بالطول أحيانا وبالتجربة والخطأ أحيانا أخرى، ولك أن تسميها خياطة منهجية خاصة لمشاريع المؤسسة إن أحببت هذا التعبير المجازي كما أحبه أنا.

تذكر أن الأمر هو تكييف المنهجيات على مقاس المشاريع في المؤسسة، وليس العكس، وإلا ستكون مثل صاحب ذلك المعرض الذي عندما رآني أحببت إحدى البدلات الضيقة علي،  مازحني بقوله: روح شهر اعمل روجيم وانزل 5 كيلو وتعال اشتريها …

 

13 thoughts on “خياطة منهجيات المشاريع

  1. اتفق معك الا ان طموحات وآفاق التصور الشخصي كثيرا ما تصطدم بالواقع مما تؤدي الى تغيير خطة العمل والفكرة تماما ، كما لو انك فقدا الأمل من وجود بدله مناسبة دون لمسات الخياط في ظل عدم وجود خياطيين مبدعين مما يدفعك الى تغيير فكرة شراء البدلة تمام ليقتصر اتجاهك فقط على زي مناسب كبنطال فقط وقميص ، وهذا الاتجاه السلوكي هو ما يغفل عنه كثير من المنشآت ففي ظل تنامي المنافسه وسرعة قطار الزمن تتقدم الكثير من الشركات والشركة التي اواكبها لا زالت في ركبها تسير ببطء شديد وتحاول مجاراة السوق الا ان كثير من الظروف والمتغيرات والأدوات لا تساعدها على التقدم وتغفل الشركة عن التغيير الجزئي او الكلي للمشروع ليتسنى للمشروع ان يحقق الهدف الذي وجد من اجله ، فعدم وجود بدله مناسبة لا يعني عدم وجود زي يظهرني بشكل جميل ولائق فعلي اذا ان اجد ملابس اكثر ملائمة حتى لو غيرت فكرة البدلة تماما .

    Liked by 1 person

    1. أعجبتني عبارتك الأخيرة: (عدم وجود بدله مناسبة لا يعني عدم وجود زي يظهرني بشكل جميل ولائق فعلي اذا ان اجد ملابس اكثر ملائمة حتى لو غيرت فكرة البدلة تماما)، ولكن لنتذكر أنه يجب أن تكون هناك منهجية، بغض النظر عن تعقيدها أو بساطتها أو شكلها، قد تكتفي الشركة بتعريف 3 مهمات رئيسية لمدير المشروع في كل مرحلة من مراحله، أو تذهب باتجاه التعاقد مع خبراء لوضع منهجية متكاملة، في الحالتين هناك تنظيم لعملية إدارة المشاريع، وهو تنظيم يخص هذه المؤسسة ويناسبها، وهذا ما كنت أقصده من مقالتي. شكرا لتعليقك مجددا.

      Like

  2. “بدلة سوداء أنيقة دون الحاجة الى خياط”
    يجب ابقاء الامور بشكل بسيط بلا نعقيد ونحو الهدف مباشرة.

    كلا م جميل صديقي

    Like

Leave a comment