المسبوع وإدارة التوقعات

إذا كنت مثلي تسافر لتعمل طيلة الأسبوع ثم تعود إلى بيتك يوم الخميس بالليل ومن ثم تسافر يوم السبت من جديد، فلا بد أنه قد مرت عليك لحظات سعيدة وأخرى أقلّ، وكانت لك توقعات لاقيتها كما تأملت، وأخرى وجدتها غير ذلك. هذه التدوينة مهداة لمن هم مثلي، ولآخرين يظنون أننا في أسعد حال! تأملوا معي:

easid-200641-media-id-7150

الحالة الأولى

تصل بيتك يوم الخميس فتجد زوجتك وقد أعدت لك عشاء فاخرا وتزينت لك كأحسن ما يكون وأخَذَت قيلولة في النهار لتسهر معك، ولكن للأسف حضرتك مستوٍ من التعب وقد أتيت بعد يوم عمل مليء بالاجتماعات والنقاشات والمفاوضات والخطابات، وذهبت راكضا ومهرولا للمطار لتدرك الطائرة وبالكاد وصلت قبل إغلاق البوابة، وفي الطائرة لم تذق طعم النوم لأن الكراسي ضيقة والمسافر بجانبك من الوزن الثقيل … المهم أنك وصلت بيتك وقد كرهت نفسك وحياتك ولست مشتاقا لأحد، أما زوجتك المسكينة فهي تنتظرك منذ بداية الأسبوع …

حالة أخرى

عكس الحالة السابقة تماما: أنت نمت يوم الأربعاء بالليل مبكرا وتجهزت يوم الخميس واشتريت هدية فاخرة للمدام ولبست لباسا شبابيا وكان يومك في العمل في منتهى الهدوء، ووصلت للمطار قبل ثلاث ساعات، وركبت الطائرة على أقل من مهلك ولم يجلس أي مسافر على الكرسي بجانبك، واستقبلك صديق لك في المطار، وتوقعاتك أعلى ما يكون لعطلة جميلة، ولكن … ما لم يكن في الحسبان: المدام في أسوء حال، الأولاد قد أتعبوها طوال اليوم، وذهبت نتيجة ساعتين من الطبخ أدراج الرياح بسبب زيادة في ملح الطعام، وقضت زيارة مفاجئة لجارتها على ساعة من الراحة كانت تود النوم فيها، فهي لن تستطيع السهر، ومزاجها في أسوء حال …

نظرية ال (مسبوع)

بين هاتين الحالتين، تكونت لدي نظرية لمن هم مثلي حتى يديروا توقعاتهم بشكل منطقي (Managing Expectations)، سأسميها نظرية مسافر الأسبوع .. أو اختصارا: نظرية (المسبوع)  .. تقول النظرية:

أنت وزوجتك مثل المحورين السيني والصادي، يتقاطعان في نقطة الأصل، وهناك أربعة احتمالات لرجوعك الميمون في نهاية الأسبوع: موجب موجب، وموجب سالب، وسالب موجب، وسالب سالب … حسب الربع الذي سيكون نصيبك فيه …

طبعا الفقرتان في المقدمة تشرحان مربعي: موجب سالب وسالب موجب، أما موجب موجب فهو الصورة السعيدة، وأما السالب والسالب، فأعان الله الأطفال عليك وعليها!!

كم الاحتمال لحالة الموجب موجب، من ناحية إحصائية بحتة فهو 25%، وعليك وعليها أن تحاولا طيلة الأسبوع أن ترفعا ذلك الاحتمال، وبالطبع فقد يؤدي دخول بعض العوامل الأخرى على الموضوع إلى إزاحة دراماتيكية إما موجبة أو سالبة، مثل منحنى سين تربيع إذا ضرب بعدد سالب لا سمح الله، فسيكون دائما مفتوحا للأسفل على الربعين السالبين…

Expectations

إدارة المشاريع

كما في حياتنا اليومية، ففي إدارة المشاريع، تحتل إدارة التوقعات منزلة كبيرة وراء نجاح المشاريع وفشلها أحيانا، وهي السبب الرئيسي لرضى مالك المشروع وراعيه وأصحاب العلاقة في المشروع (Stakeholders)، فكل شيء يفعله مدير المشروع أو يقوله يؤدي إلى توقع معين، بل إن الوثائق الرئيسية للمشروع مثل الميثاق (Charter) وبيان نطاق العمل (Scope Statement)، وخطة إدارة التواصل وغيرها، من الممكن التفكير بها أنها أدوات لضبط التوقعات وإدارتها لأصحاب العلاقة بالمشروع.

لا بد من العودة مرة أخرى للحديث عن إدارة التوقعات في إدارة المشاريع، ولعل ربطها بتجربة المسبوع الحياتية في هذه التدوينة تقريب للصورة، ولكن من جهة أخرى فإن على ال (مسبوع) أن يدير توقعاته جيدا ليبقى محافظا على رضاه من هذا السفر الأسبوعي …

أعان الله ال (مسبوع) على سفراته ….

Leave a comment